نظم المعلومات الإدارية بالجامعات ثورة لم تكتمل

لقد حقق العالم في العقود الأخيرة خاصة في الألفية الثالثة ثورة هائلة في جل المجالات العلمية والتكنولوجية والتي أحدثت تغييرا في الحياة اليومية للإنسان

وأصبحت من الركائز الجوهرية والمعول عليها في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لذلك كان ولابد أن يؤثر هذا التطور المتسارع علي كل مناحي الحياة ومن أهمها الهيكل الإداري والوظيفي الخدمي الذي يعتبر الآلية التي تحرك عجلة التنمية في الدولة وتخدم المواطنين, ومن هذا المنطلق كان لزاما علي قطاعات الدولة المختلفة إدراج البرمجة المعلوماتية داخل نسق عمل الإدارة. وإيمانا بأهمية تطبيق نظم المعلومات الإدارية في قطاعات الدولة المختلفة, فقد وضعت وزارة التعليم العالي خطة إستراتيجية وعملت علي تنفيذها مرحليا منذ عام2004 من أجل استخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لرفع القدرة التعليمية والبحثية والإدارية لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي. وتنفيذا لتلك الإستراتيجية, فقد قامت وزارة التعليم العالي بتمويل مشروع قومي لنشر تطبيقات نظم المعلومات الإدارية بالجامعات.
إننا إذا كنا نريد لهذا البلد الكريم أن يأخذ مكانته الحقيقية في مصاف الأمم المتقدمة, فعلينا أن نتمسك في أعماقنا بروح ثورة25 يناير المجيدة التي فجر شرارتها خيرة شباب هذه الأمة معتمدين علي أحدث الأساليب التكنولوجية من خلال موقع التواصل الاجتماعي والذي لم يكن من المتصور أن يكون هو السلاح الرئيسي للقيام بالثورة. إن هذه الروح هي التي ستدفعنا جميعا كل في موقعه علي الحرص للأخذ بكل أسباب ووسائل وتقنيات هذا العصر للحاق بقاطرة التقدم والتي باتت علي وشك نسيان هذه الأمة في الآونة الأخيرة.
يعد توظيف نظم المعلومات الإدارية في خدمة كل ما يخص شئون الطلاب, هدفا محوريا في منظومة تطوير العمل الجامعي حيث يمكن للطلاب التعرف علي نتائج آخر العام وكذلك الحصول علي شهادات التخرج إلكترونيا بأسلوب مبسط في التعامل مما يوفر الوقت والجهد علي الطلاب وخصوصا المغتربين منهم. ومن أهم الخدمات التي تم تفعيلها خدمة التقدم للمدن الجامعية إلكترونيا حيث تحتوي المدن الجامعية علي مائة ألف مكان يتقدم لشغلهم سنويا ما لا يقل عن ضعف هذا العدد, ولقد كان الأسلوب اليدوي المتبع في ذلك قبل تفعيل هذه الخدمة إلكترونيا يتطلب من الطلاب المغتربين الكثير من الوقت والجهد والمال من أجل السفر والحصول علي مظروف يدوي بمقابل مادي فحواه مجموعه من الاستمارات يتم استيفاؤها والتقدم بها للمدينة الجامعية التابعة للجامعة التي يدرس بها الطالب إلي جانب وجوب حصوله علي مستند ورقي يفيد أنه مقيد في كلية تابعة لهذه الجامعة.. إنها رحلة روتينية عقيمة يجب إعادة النظر في التشريعات الخاصة بها من أجل إدارة هذه الخدمة إلكترونيا بالكامل.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن نؤكد علي أن معظم جامعاتنا وكلياتها خلال السنوات القليلة الماضية قد استطاعت بالفعل أن تطبق نظم المعلومات الإدارية في مختلف أنشطتها, ويجب أن نركز هنا علي الجنود المجهولين في هذه المنظومة وهم أعضاء هيئة التدريس وبعض موظفي الجامعات الذين تحملوا علي كواهلهم عبء تنفيذ المشروع علي أرض الواقع في مراحله الأولي من خلال إدخال البيانات وتصنيفها وتنسيقها وتدريب الكوادر المناسبة لاستكمال المسيرة ثم الإشراف المستمر علي أسلوب عمل هذه الكوادر علاوة علي القرارات السياسية الجريئة التي اتخذها السادة رؤساء الجامعات وعمداء ووكلاء الكليات التي تبنت زمام المبادرة في تفعيل تلك النظم, والحق.
وأخيرا أود أن أشير إلي انني أتفق تماما مع القول المأثور للعالمة ماري كوري حيث تقول الا يوجد في العالم ما قد يخشي منه, هناك فقط ما قد لا يفهم جيداب. وتلك هي قضيتنا, ففي الوقت الذي ننادي فيه بأهمية اتباع أحدث نظم الإدارة لمواكبة التقدم, نجد أنه ما زالت هناك بعض الدعاوي التي تدعم عدم وجود ضرورة ملحه لتطبيق نظم المعلومات الإدارية كوسيلة لتيسير وظائف الهيكل الإداري ودولاب العمل اليومي والمبرر لهذه الدعاوي في ذلك الشأن هو أن الخبرة اليدوية المتراكمة تستطيع أن تقوم بتلك التطبيقات المذكورة عاليه بالرغم من أنه لا يخفي علي أحد الكم الكبير من الأخطاء البشرية التي تحدث في هذه التطبيقات مما قد يسبب ضياعا للحقوق. إن السبب الرئيسي في هذا اللغط يكمن في الخوف أو دعونا نقول عدم الخبرة في التعامل مع وسائل التقنية الحديثة وهذا ما يدعونا لأن نؤكد علي أهمية إدارة الموارد البشرية والتي تعتبر من أهم وظائف الإدارة لتركيزها علي العنصر البشري والذي يعتبر أثمن مورد لدي الإدارة والأكثر تأثيرا في الإنتاجية علي الإطلاق. إن إدارة الموارد البشرية تعني باختصار الاستخدام الأمثل للعنصر البشري والاستفادة من كفاءة, وقدرات, وخبرات هذا العنصر البشري والعمل علي شحذ حماسه للعمل لتحقيق الأهداف المنشودة, لذلك يجب الاهتمام بوضع المبادئ والأسس التي تساعد علي الاستفادة القصوي من كل فرد في المنظومة, هذه الأسس تبدأ من التخطيط والاختيار والتدريب والحوافز والتقويم وكل ما له صلة بالعنصر البشري خاصة في ظل وجود مشروع متكامل لتدريب الكوادر المختلفة في جامعاتنا.

 

منقول جريدة الأهرام

الثلاثاء 16 من صفر 1433 هـ   10 يناير 2012 السنة 136 العدد 45690